إدارة دانيال ليفي لتوتنهام: بين العبقرية المالية والجدل الرياضي.. هل يرحل؟
إدارة دانيال ليفي لتوتنهام تُعد واحدة من أكثر الحالات إثارة للدراسة والجدل في عالم كرة القدم الحديثة. منذ توليه رئاسة النادي في عام 2001، تحول توتنهام هوتسبير من فريق متوسط في الدوري الإنجليزي الممتاز إلى قوة اقتصادية ورياضية يُحسب لها حساب، لكن هذه المسيرة لم تخلُ من انتقادات حادة وجفاف طويل عن الألقاب الكبرى، مما يطرح السؤال دائمًا: كيف يدير ليفي النادي، وهل يمكن أن يأتي اليوم الذي يغادر فيه منصبه؟
من هو دانيال ليفي؟ رجل الأعمال الذي يحكم توتنهام بقبضة من حديد
دانيال ليفي، رجل أعمال بريطاني تخرج من جامعة كامبريدج، ليس مجرد رئيس نادٍ، بل هو المهندس الفعلي لكل قرار استراتيجي داخل توتنهام. يُعرف عنه أنه مفاوض شرس وحازم، وهو ما جعله شخصية مهيبة في سوق الانتقالات. استحوذت شركته ENIC Group على حصة مسيطرة في نادي توتنهام هوتسبير في مطلع الألفية، ومنذ ذلك الحين، رسخ ليفي رؤيته التي ترتكز على الاستدامة المالية والنمو طويل الأمد.
استراتيجية ليفي: الاستدامة المالية أولاً
تقوم فلسفة ليفي على مبدأ أن النادي يجب أن يكون قادرًا على تمويل نفسه بنفسه دون الاعتماد على ثروة المالكين. هذه الرؤية تُرجمت إلى سياسات واضحة أثرت بشكل مباشر على هوية النادي.
المفاوض الصعب
اكتسب ليفي سمعة بأنه أحد أصعب المفاوضين في كرة القدم. سواء في بيع اللاعبين بأسعار قياسية (مثل غاريث بيل ولوكا مودريتش) أو في شراء المواهب، فإنه يسعى دائمًا لتحقيق أقصى فائدة مالية للنادي. هذه السياسة، رغم نجاحها المالي، جلبت له انتقادات أحيانًا لتأخرها في حسم الصفقات التي يحتاجها الفريق.
بناء الملعب: جوهرة التاج
يُعد ملعب توتنهام هوتسبير الجديد، الذي افتُتح عام 2019، الإنجاز الأكبر والأهم في حقبة ليفي. لم يكن مجرد ملعب كرة قدم، بل مشروع اقتصادي ضخم بتكلفة تجاوزت المليار جنيه إسترليني. تم تمويل المشروع بحكمة مالية، وأصبح الآن مصدر دخل هائل للنادي من خلال استضافة مباريات كرة القدم الأمريكية والحفلات الموسيقية وغيرها من الفعاليات، مما يضمن تدفقًا ماليًا مستدامًا لسنوات قادمة.
وجه العملة الآخر: الانتقادات والجفاف عن الألقاب
على الرغم من النجاح المالي الباهر، فإن سجل دانيال ليفي على الصعيد الرياضي يظل نقطة ضعف واضحة في نظر الكثير من الجماهير. منذ توليه المسؤولية، لم يفز النادي سوى بلقب واحد (كأس الرابطة الإنجليزية عام 2008). هذا الجفاف الطويل عن الألقاب يثير تساؤلات حول ما إذا كانت الأولوية للمال على حساب الطموح الرياضي.
- سياسة الأجور المحدودة: لفترة طويلة، اتبع النادي سياسة أجور صارمة، مما صعّب مهمة الاحتفاظ بالنجوم الكبار ومنافسة الأندية العملاقة.
- التردد في سوق الانتقالات: غالبًا ما يُتهم ليفي بالتردد في دعم المدربين بالصفقات اللازمة في الأوقات الحاسمة.
- كثرة تغيير المدربين: شهد النادي تعاقب عدد كبير من المدربين تحت قيادته، مما أدى إلى غياب الاستقرار الفني في بعض الفترات.
السؤال الأبدي: هل سيغادر دانيال ليفي توتنهام؟
يبدو رحيل دانيال ليفي عن توتنهام أمرًا مستبعدًا في المستقبل القريب. هو ليس مجرد موظف، بل يمثل المالك الرئيسي (ENIC)، ومشروعه مع النادي لم يكتمل بعد من وجهة نظره. يرى ليفي أن بناء الأسس المالية القوية، المتمثلة في الملعب والبنية التحتية، هو الخطوة الأولى نحو تحقيق النجاح الرياضي المستدام.
رحيله قد يكون مرتبطًا فقط بحدوث تغيير جذري في ملكية النادي، كأن تقرر شركة ENIC بيع حصتها بالكامل. وحتى ذلك الحين، سيظل دانيال ليفي هو الرجل الأول في توتنهام، بشخصيته المثيرة للجدل التي تجمع بين رؤية رجل الأعمال الثاقبة وحسرة المشجعين المتعطشين للألقاب.
تعليقات الزوار ( 0 )