الكرة الأيرلندية تنتفض: تصويت تاريخي لمطالبة اليويفا بحظر إسرائيل من المسابقات الأوروبية

10 نوفمبر 2025 - 9:31 ص

أصبح مطلب حظر إسرائيل من المسابقات الأوروبية خطوة رسمية بعد أن اتخذ الاتحاد الأيرلندي لكرة القدم (FAI) موقفاً تاريخياً وحاسماً. في خطوة لافتة، صوت مجلس إدارة الاتحاد لصالح تقديم اقتراح إلى الاتحاد الأوروبي لكرة القدم (اليويفا) والاتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا) يطالب بفرض حظر شامل على مشاركة الفرق والمنتخبات الإسرائيلية في جميع المنافسات القارية والدولية، وذلك على خلفية الصراع الدائر في غزة. هذا القرار يضع الكرة في ملعب الهيئات الحاكمة لكرة القدم العالمية ويفتح الباب أمام نقاش واسع حول العلاقة المعقدة بين الرياضة والسياسة.

جدول المحتويات

خلفيات القرار وتداعياته السياسية

لم يأتِ قرار الاتحاد الأيرلندي من فراغ، بل هو نتيجة ضغوط متزايدة من الأندية الأعضاء والناشطين والمشجعين في جميع أنحاء أيرلندا، الذين طالبوا باتخاذ موقف واضح من الأحداث الجارية في فلسطين. يُعرف الموقف الأيرلندي تاريخياً بتعاطفه مع القضية الفلسطينية، وقد انعكس هذا الموقف الشعبي والرسمي على الساحة الرياضية. يرى المؤيدون للقرار أن استمرار مشاركة إسرائيل في المسابقات الرياضية الدولية يمثل تطبيعاً غير مقبول مع سياساتها، ويطالبون بتطبيق نفس المعايير التي طُبقت على دول أخرى في ظروف مشابهة، مثل حظر روسيا بعد غزوها لأوكرانيا.

يستند المؤيدون للحظر على أن الرياضة لا يمكن أن تكون بمعزل عن انتهاكات حقوق الإنسان والقانون الدولي. ويعتبرون هذه الخطوة وسيلة سلمية للضغط على إسرائيل، وإشارة قوية من المجتمع الرياضي الدولي برفضه للأعمال العسكرية في غزة.

تفاصيل التصويت: كيف تحركت الكرة الأيرلندية؟

جاء التصويت بعد نقاشات مستفيضة داخل مجلس إدارة الاتحاد الأيرلندي لكرة القدم. وقد تم تقديم الاقتراح رسمياً من قبل عدد من الأندية البارزة التي قادت حملة واسعة لحشد الدعم. القرار يعني أن الاتحاد الأيرلندي سيقوم بصياغة طلب رسمي وتقديمه في المؤتمرات القادمة لليويفا والفيفا، داعياً جميع الاتحادات الأعضاء الأخرى إلى دعمه. هذه الخطوة تضع قضية حظر إسرائيل من المسابقات الأوروبية على جدول أعمال الهيئات الكروية الدولية بشكل رسمي، مما يجبرها على مناقشة الأمر والتصويت عليه.

على الرغم من أن القرار لا يضمن التنفيذ الفوري، إلا أنه يمثل سابقة هامة، حيث يعد الاتحاد الأيرلندي من أوائل الاتحادات الأوروبية الوطنية التي تتخذ مثل هذا الموقف الرسمي والجريء.

لماذا أيرلندا تحديداً؟

يعود الموقف الأيرلندي القوي إلى أسباب تاريخية وثقافية عميقة، حيث يرى الكثير من الأيرلنديين أوجه تشابه بين نضالهم من أجل الاستقلال والقضية الفلسطينية. هذا التعاطف الشعبي تحول إلى ضغط منظم على المؤسسات الرياضية لاتخاذ موقف يتماشى مع قيم المجتمع الأيرلندي.

موقف اليويفا والفيفا المتوقع: بين المبادئ والضغوط

يواجه الاتحاد الأوروبي لكرة القدم (اليويفا) والفيفا موقفاً صعباً. فمن ناحية، تنص لوائحهما على ضرورة إبقاء السياسة بعيدة عن الرياضة. ومن ناحية أخرى، فإن سابقة حظر الفرق الروسية والبيلاروسية تضعف هذه الحجة وتفتح الباب أمام اتهامات بازدواجية المعايير إذا تم تجاهل الطلب الأيرلندي. من المرجح أن يحاول اليويفا تجنب اتخاذ قرار مباشر، وقد يسعى إلى حلول دبلوماسية خلف الكواليس. ومع ذلك، إذا اكتسب الاقتراح الأيرلندي زخماً ودعماً من اتحادات وطنية أخرى، فسيجد اليويفا نفسه مضطراً للتعامل مع الموقف بشكل مباشر. إن الفشل في الاستجابة لمطلب حظر إسرائيل من المسابقات الأوروبية قد يؤدي إلى انقسامات داخل الأسرة الكروية الأوروبية.

الرياضة والسياسة: هل يمكن الفصل بينهما حقاً؟

تثير هذه القضية الجدل الأزلي حول علاقة الرياضة بالسياسة. بينما يصر المسؤولون الرياضيون غالباً على أن الملاعب يجب أن تكون محايدة، يرى آخرون أن الرياضة، بوصفها منصة عالمية ذات تأثير هائل، لا يمكنها تجاهل القضايا الإنسانية والسياسية الكبرى. لقد كانت المقاطعات الرياضية أداة فعالة في الماضي، كما حدث مع نظام الفصل العنصري في جنوب إفريقيا، حيث ساهمت العزلة الرياضية في الضغط من أجل التغيير. يمثل التصويت الأيرلندي فصلاً جديداً في هذا النقاش، مؤكداً أن كرة القدم ليست مجرد لعبة، بل هي مرآة تعكس قيم وتوترات العالم الذي نعيش فيه.

الخطوات المستقبلية والتأثير المحتمل على الساحة الرياضية

الخطوة التالية للاتحاد الأيرلندي هي حشد الدعم من الاتحادات الأعضاء الأخرى في اليويفا. سيعتمد نجاح هذا المسعى على مدى استعداد الدول الأخرى لاتخاذ موقف مماثل في وجه ضغوط سياسية ودبلوماسية محتملة. بغض النظر عن النتيجة النهائية، فإن قرار الاتحاد الأيرلندي قد أحدث بالفعل موجات صادمة في عالم الرياضة، وشجع على فتح نقاشات كانت تعتبر من المحرمات في السابق. المستقبل القريب سيحدد ما إذا كانت هذه الخطوة ستؤدي إلى تغيير حقيقي في سياسات الهيئات الرياضية الدولية، أم ستظل مجرد موقف رمزي شجاع من جزيرة صغيرة ذات صوت عالٍ.


المصدر: The Guardian

مقالات ذات صلة