تألق سندرلاند بقيادة تشاكا: كيف تحول الفريق من الفوضى إلى الإبداع؟

9 نوفمبر 2025 - 9:34 م

إن تألق سندرلاند بقيادة تشاكا لم يعد مجرد حديث عابر في الأوساط الرياضية، بل أصبح حقيقة ملموسة تجسد واحدة من أروع قصص التحول في الدوري الإنجليزي الممتاز. فبعد سنوات من الأداء الباهت الذي اتسم بالفوضى التكتيكية وغياب الروح، نجح فريق “القطط السوداء” في تغيير جلده بالكامل، ليتحول إلى قوة كروية منظمة وأنيقة، يقودها المايسترو السويسري جرانيت تشاكا ببراعة لا مثيل لها في وسط الميدان.

جدول المحتويات

من الكوميديا التكتيكية إلى السلاسة الفنية: قصة تحول سندرلاند

لم ينسَ مشجعو سندرلاند الأوفياء تلك الأيام التي كان فيها أداء الفريق أشبه بمسرحية هزلية؛ أخطاء دفاعية ساذجة، تمريرات عشوائية، وغياب تام للانسجام بين الخطوط. كانت المباريات عبئاً ثقيلاً على أعصاب الجماهير التي طالما حلمت بعودة فريقها إلى سابق عهده. لكن كل هذا تغير مع بداية الموسم الحالي، حيث بدت بصمة المدرب الجديد واضحة، وكان التعاقد مع لاعب خبير بحجم جرانيت تشاكا هو القطعة التي أكملت اللوحة الفنية.

لقد تحول الفريق من مجموعة لاعبين أفراد إلى وحدة متكاملة تتحرك بتناغم وسلاسة. أصبح بناء اللعب من الخلف يتم بهدوء وثقة، وانتقلت الكرة بين أقدام اللاعبين برشاقة تذكرنا بالقطط الرشيقة، وهو ما يفسر لقبهم “القطط السوداء”. هذا التحول الجذري لم يكن ليحدث لولا وجود قائد حقيقي في أرض الملعب.

جرانيت تشاكا: القائد الذي غيّر إيقاع “القطط السوداء”

عندما تم الإعلان عن انضمام جرانيت تشاكا إلى سندرلاند، انقسمت الآراء بين متفائل ومتشكك. لكن اللاعب السويسري المخضرم سرعان ما أثبت أنه كان الصفقة الأهم في تاريخ النادي الحديث. لم يأتِ تشاكا ليقدم مهاراته الفنية فقط، بل جلب معه شخصية القائد التي كانت مفقودة، وعقلية الفوز التي لا تقبل بالتهاون.

في الملعب، أصبح تشاكا هو العقل المدبر للفريق؛ فهو من يحدد إيقاع اللعب، يوزع الكرات بدقة متناهية، ويكسر هجمات الخصم بذكاء وقوة. خبرته الكبيرة التي اكتسبها في أرسنال وباير ليفركوزن انعكست بشكل مباشر على أداء زملائه الشباب، الذين وجدوا فيه القدوة والمرشد. لقد ساهم تألق سندرلاند بقيادة تشاكا في رفع مستوى الفريق بأكمله، ليصبحوا خصماً لا يستهان به.

الدور التكتيكي لتشاكا

تكتيكياً، منح تشاكا المدرب مرونة كبيرة. فهو لا يقوم فقط بدور لاعب الارتكاز التقليدي، بل يتقدم للمساندة الهجومية بتمريراته الطويلة الدقيقة وتسديداته القوية. أصبح وجوده بمثابة صمام أمان لخط الدفاع، ونقطة انطلاق لكل هجمة منظمة، مما حرر اللاعبين في الخطوط الأمامية للتركيز على إيجاد الحلول الهجومية.

الأرقام لا تكذب: تأثير تشاكا بالإحصائيات

بعيداً عن الانطباعات البصرية، تدعم الأرقام والإحصائيات الدور المحوري الذي يلعبه تشاكا. منذ انضمامه، ارتفعت نسبة استحواذ الفريق على الكرة بمعدل 15%، كما زادت دقة التمريرات بشكل ملحوظ، خاصة في الثلث الأخير من الملعب. يتصدر تشاكا قائمة أكثر اللاعبين لمساً للكرة في الفريق، وهو ما يؤكد أنه محور كل شيء.

  • دقة التمرير: تجاوزت نسبة دقة تمريراته 92% هذا الموسم.
  • استعادة الكرة: ينجح في استعادة الكرة بمعدل 7 مرات في المباراة الواحدة.
  • صناعة الفرص: صنع أكثر من 30 فرصة محققة للتسجيل لزملائه.

هذه الأرقام هي شهادة حية على أن تألق سندرلاند بقيادة تشاكا ليس وليد الصدفة، بل هو نتاج عمل دؤوب وتأثير لاعب من الطراز العالمي.

ما هو مستقبل الفريق مع استمرار هذا الأداء؟

مع استمرار المستوى المذهل الذي يقدمه الفريق، بدأت جماهير “ملعب الضوء” تحلم بما هو أبعد من مجرد البقاء في الدوري الممتاز. الهدف الآن هو المنافسة على المراكز الأوروبية، وهو حلم يبدو اليوم أقرب من أي وقت مضى. إن استمرارية تألق سندرلاند بقيادة تشاكا ستكون المفتاح لتحقيق هذه الطموحات.

في الختام، يمكن القول إن قصة سندرلاند هذا الموسم هي درس في أهمية القيادة والخبرة في عالم كرة القدم. لقد أثبت جرانيت تشاكا أن العمر مجرد رقم، وأن اللاعب القائد يستطيع أن يغير مصير فريق بأكمله، محولاً الفوضى إلى إبداع، والأداء الباهت إلى موسيقى كروية تطرب لها الآذان.


المصدر: The Guardian – Football Daily