صمت ملاك مانشستر سيتي تجاه السودان: كيف يفلتون من المساءلة؟

10 نوفمبر 2025 - 5:03 ص

يثير صمت ملاك مانشستر سيتي تجاه السودان تساؤلات عميقة حول ازدواجية المعايير في عالم كرة القدم، حيث تتداخل السياسة مع الرياضة بشكل لا يمكن تجاهله. في الوقت الذي تُرفع فيه شعارات ضد الظلم في ملاعب كرة القدم الأوروبية، يبدو أن هناك تجاهلاً تاماً للأزمة الإنسانية الكبرى في السودان، والتي يُتهم ملاك النادي، المرتبطون بدولة الإمارات العربية المتحدة، بلعب دور فيها. هذا الصمت المطبق لا يسلط الضوء فقط على النادي الإنجليزي، بل على المنظومة الكروية بأكملها التي تسمح بمثل هذه التناقضات.

جدول المحتويات

من هم ملاك مانشستر سيتي؟ خلفية اقتصادية وسياسية

في عام 2008، استحوذت مجموعة أبوظبي المتحدة للتنمية والاستثمار، التي يترأسها الشيخ منصور بن زايد آل نهيان، نائب رئيس دولة الإمارات، على نادي مانشستر سيتي. هذا الاستحواذ لم يغير فقط مصير النادي الذي تحول إلى قوة كروية عالمية، بل فتح الباب أمام نقاشات واسعة حول ملكية الدول للأندية الرياضية. لا يمكن فصل هذه الملكية عن السياسات الخارجية لدولة الإمارات، التي تعد لاعباً محورياً في منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا. إن القوة المالية الهائلة التي تقف خلف النادي تجعل من الصعب على الهيئات الرياضية مساءلتها، مما يخلق بيئة خصبة لتجاهل القضايا الحقوقية والإنسانية.

الاستثمار كقوة ناعمة

تُستخدم الاستثمارات الرياضية الضخمة كشكل من أشكال القوة الناعمة، حيث تساهم في تحسين الصورة الدولية للدول المالكة. فنجاح مانشستر سيتي على أرض الملعب ينعكس إيجاباً على صورة أبوظبي، ويحول الانتباه بعيداً عن أي ممارسات سياسية أو عسكرية مثيرة للجدل، وهو ما يفسر جزئياً استمرار الصمت المطبق حول قضايا حساسة مثل الأزمة في السودان.

العلاقة بين الإمارات والصراع الدائر في السودان

تشير العديد من التقارير الدولية والتحقيقات الصحفية إلى تورط الإمارات العربية المتحدة في دعم أحد طرفي الصراع في السودان، وهو ما يضع ملاك مانشستر سيتي في موقف حرج. هذا الدعم المزعوم، سواء كان عسكرياً أو لوجستياً، يساهم في إطالة أمد الحرب التي تسببت في كارثة إنسانية، مع ملايين النازحين والقتلى. هذا الارتباط المباشر بين سياسات الدولة المالكة للنادي وبين معاناة شعب بأكمله يجعل من الصمت ليس مجرد تقصير، بل موقفاً سياسياً بحد ذاته. إن تجنب الإجابة على الأسئلة المتعلقة بهذا الدور يضع علامات استفهام كبيرة حول التزام النادي بالقيم الإنسانية التي يروج لها.

الغسيل الرياضي: أداة لتلميع السمعة وتجاوز الانتقادات

يُعد مصطلح “الغسيل الرياضي” (Sportswashing) مفهوماً محورياً لفهم هذه الظاهرة. يتمثل الغسيل الرياضي في استخدام الأحداث الرياضية الكبرى أو الأندية الشهيرة لتحسين سمعة دولة أو كيان ما، وصرف الانتباه عن سجلها في حقوق الإنسان أو سياساتها الخارجية. لقد أصبح مانشستر سيتي، بفضل نجاحاته الباهرة وشعبيته الجارفة، الأداة المثالية لتحقيق هذا الهدف. كل لقب يحققه الفريق، وكل نجم يتعاقد معه، يساهم في بناء صورة إيجابية ومشرقة لملاك النادي، وهي صورة تتعارض بشكل صارخ مع الاتهامات الموجهة لدولتهم فيما يتعلق بالصراع في السودان وغيره من القضايا.

لماذا يستمر صمت ملاك مانشستر سيتي تجاه السودان؟

هناك عدة أسباب تفسر استمرار صمت ملاك مانشستر سيتي تجاه السودان. أولاً، القوة المالية والنفوذ السياسي الهائل الذي يتمتع به الملاك يجعل من الصعب على أي جهة رياضية، سواء كانت الاتحاد الإنجليزي أو الاتحاد الأوروبي لكرة القدم، أن تتخذ موقفاً حازماً. ثانياً، المصالح الاقتصادية المتشابكة بين كرة القدم وهذه الاستثمارات تجعل الكثيرين يغضون الطرف. وأخيراً، هناك ضعف في الضغط الإعلامي والجماهيري المنظم الذي يمكن أن يجبر النادي وملاكه على الخروج عن صمتهم وتقديم إجابات واضحة حول هذه القضية المعقدة.

دور الإعلام والجماهير في كسر جدار الصمت

على الرغم من التحديات، يظل للإعلام والجماهير دور حاسم في مساءلة ملاك الأندية. يمكن للصحافة الاستقصائية أن تسلط الضوء بشكل أكبر على العلاقة بين كرة القدم والسياسة، بينما يمكن للجماهير الواعية أن تعبر عن رفضها لاستخدام أنديتها كأدوات للغسيل الرياضي. إن رفع الصوت والمطالبة بالشفافية والمساءلة هما السبيل الوحيد لضمان ألا تتحول الرياضة الأكثر شعبية في العالم إلى مجرد غطاء لتبرير الصراعات وتجاهل المآسي الإنسانية. إن قضية صمت ملاك مانشستر سيتي تجاه السودان ليست مجرد قضية رياضية، بل هي اختبار حقيقي لضمير عالم كرة القدم بأسره.


المصدر: The Guardian

مقالات ذات صلة