قصة محمد صلاح: من قرية نجريج إلى أسطورة ليفربول الخالدة

8 نوفمبر 2025 - 6:19 ص

إن قصة محمد صلاح هي أكثر من مجرد مسيرة لاعب كرة قدم ناجح؛ إنها ملحمة من الطموح والإصرار والموهبة التي انطلقت من حقول قرية نجريج المصرية الصغيرة لتصل إلى قمة المجد في سماء كرة القدم العالمية مع نادي ليفربول. رحلة صلاح الملهمة لم تكن مفروشة بالورود، بل كانت مليئة بالتحديات والتضحيات التي شكلت شخصيته وصنعت منه أيقونة رياضية وإنسانية يقتدي بها الملايين حول العالم.

جدول المحتويات

البدايات في نجريج: حلم يولد في قرية بسيطة

وُلد محمد صلاح حامد محروس غالي في قرية نجريج بمحافظة الغربية، وهي قرية بسيطة تعتمد بشكل أساسي على الزراعة. منذ نعومة أظافره، كان صلاح مهووسًا بكرة القدم، حيث كانت الكرة لا تفارق قدميه في شوارع القرية الترابية. كان حلمه الأكبر أن يصبح لاعب كرة قدم محترف، وهو حلم بدا بعيد المنال للكثيرين في بيئته. لكن شغفه كان أقوى من أي عقبات. تطلبت رحلته اليومية إلى القاهرة للانضمام إلى تدريبات نادي “المقاولون العرب” تضحيات جسيمة، حيث كان يقضي ساعات طويلة في وسائل النقل المختلفة، لكن هذا العناء لم يثنه عن ملاحقة حلمه، بل زاده إصرارًا على إثبات ذاته.

رحلة الاحتراف: تحديات وطموحات بلا حدود

كانت موهبة صلاح الفذة بوابته نحو عالم الاحتراف. بعد تألقه مع المقاولون العرب، لفت أنظار كشافي نادي بازل السويسري لينتقل إليه في عام 2012، ليبدأ أولى خطواته في الملاعب الأوروبية. سرعته الفائقة وقدرته على المراوغة جعلته نجمًا سريعًا في سويسرا، مما جذب اهتمام نادي تشيلسي الإنجليزي الذي تعاقد معه في 2014. إلا أن تجربته في لندن لم تكن ناجحة، حيث وجد صعوبة في الحصول على فرصة للمشاركة بانتظام تحت قيادة المدرب جوزيه مورينيو. هذه الفترة الصعبة كانت اختبارًا حقيقيًا لشخصيته، لكنها لم تكسره. قرر صلاح الانتقال إلى الدوري الإيطالي على سبيل الإعارة مع فيورنتينا ثم روما، وهناك استعاد بريقه وتألقه، وأثبت للعالم أنه يمتلك ما يلزم للنجاح على أعلى المستويات.

ليفربول: كيف تحول صلاح إلى أيقونة عالمية؟

في صيف 2017، كانت النقلة التي غيرت كل شيء. انتقل محمد صلاح إلى نادي ليفربول الإنجليزي، وهناك، تحت قيادة المدرب الألماني يورغن كلوب، انفجرت موهبته بشكل لم يسبق له مثيل. في موسمه الأول، حطم الأرقام القياسية بتسجيله 32 هدفًا في الدوري الإنجليزي الممتاز، ليصبح الهداف التاريخي لموسم واحد (بنظام 38 جولة). شكل مع ساديو ماني وروبيرتو فيرمينو ثلاثيًا هجوميًا أرعب دفاعات أوروبا. مع ليفربول، حقق صلاح كل الألقاب الممكنة، أبرزها دوري أبطال أوروبا في 2019 والدوري الإنجليزي الممتاز في 2020 بعد غياب دام 30 عامًا. لم تعد قصة محمد صلاح مجرد قصة لاعب مصري ناجح، بل أصبحت حكاية أسطورة حفرت اسمها بأحرف من ذهب في تاريخ الريدز.

صلاح الإنسان: تأثير يتجاوز المستطيل الأخضر

لم يقتصر تأثير محمد صلاح على ما يقدمه داخل الملعب فقط، بل امتد ليصبح ظاهرة اجتماعية وثقافية. يُعرف عنه تواضعه الشديد وأعماله الخيرية الواسعة في مسقط رأسه نجريج وفي جميع أنحاء مصر. لقد ساهم في بناء مستشفيات ومدارس ووحدات صحية، وغير حياة الكثيرين نحو الأفضل. كما أصبح سفيرًا للإسلام المعتدل في الغرب، وساهم في تغيير الصور النمطية السلبية عن العرب والمسلمين بفضل أخلاقه العالية وسلوكه المثالي. إن قصة محمد صلاح هي درس في أن النجاح الحقيقي يكمن في القدرة على إلهام الآخرين وإحداث تأثير إيجابي في مجتمعك.

في الختام، تبقى مسيرة محمد صلاح من القرية الصغيرة إلى قمة المجد العالمي واحدة من أروع قصص النجاح في تاريخ الرياضة الحديثة. إنها قصة تؤكد أن الأحلام يمكن أن تتحقق بالإيمان والمثابرة والعمل الجاد، بغض النظر عن الصعوبات والتحديات.

المصدر: BBC Sport

مقالات ذات صلة