منتخب كوريا الشمالية النسائي: قصة العملاق النائم الذي أذهل العالم ثم اختفى

6 نوفمبر 2025 - 6:13 ص

يُعد منتخب كوريا الشمالية النسائي لكرة القدم أحد أكبر الألغاز في تاريخ الرياضة الحديثة. فريق كان يُصنف ضمن نخبة المنتخبات العالمية، استطاع أن يفرض هيمنته على الساحة الآسيوية وينافس بقوة في البطولات العالمية، قبل أن يختفي فجأة عن الأنظار لسنوات، تاركاً وراءه أسئلة كثيرة حول مصيره ومستقبله. الآن، ومع عودته التدريجية، يعود الجدل من جديد: هل يستطيع هذا “العملاق النائم” أن يستيقظ ويعود إلى سابق عهده؟

بزوغ نجم مفاجئ: العصر الذهبي للكرة النسائية الكورية الشمالية

في مطلع الألفية، لم يكن منتخب كوريا الشمالية مجرد فريق عادي، بل كان قوة كروية لا يُستهان بها. بنى الفريق سمعته على الانضباط التكتيكي الصارم، اللياقة البدنية الهائلة، والروح القتالية التي لا تلين. سيطر الفريق على بطولة كأس آسيا للسيدات، حيث فاز باللقب ثلاث مرات في أعوام 2001، 2003، و2008، مما رسخ مكانته كأفضل فريق في القارة.

لم يقتصر نجاحهم على المستوى القاري، بل امتد ليشمل الساحة العالمية. كان وصولهم إلى ربع نهائي كأس العالم للسيدات عام 2007 بمثابة شهادة على قوتهم، حيث قدموا أداءً لافتاً أثار إعجاب المحللين والجماهير على حد سواء. كان الفريق يمثل لغزاً للمنافسين بفضل أسلوبه المنظم الذي يشبه الآلة وقدرته على اللعب ككتلة واحدة.

لغز الاختفاء: سنوات من العزلة والغموض

بعد فترة من التألق، بدأ حضور منتخب كوريا الشمالية النسائي يتلاشى تدريجياً. توارى الفريق عن الساحة الدولية لما يقرب من خمس سنوات، وغاب عن بطولات كبرى مثل كأس العالم وكأس آسيا. يُعزى هذا الاختفاء إلى مجموعة من العوامل المعقدة، أبرزها العزلة السياسية التي تفرضها البلاد على نفسها، بالإضافة إلى القيود التي فرضتها جائحة كوفيد-19، والتي أدت إلى إغلاق الحدود بشكل كامل.

هذا الغياب الطويل ألقى بظلال من الشك حول مستقبل كرة القدم النسائية في البلاد. تساءل الكثيرون عما إذا كان الجيل الذهبي قد انتهى، وما إذا كانت البنية التحتية والبرامج التدريبية قد تدهورت في ظل الانقطاع التام عن المنافسات الدولية.

عودة غير متوقعة: هل يستيقظ العملاق من جديد؟

في عام 2023، عاد منتخب كوريا الشمالية النسائي بشكل مفاجئ للمشاركة في دورة الألعاب الآسيوية، ثم في التصفيات المؤهلة لأولمبياد باريس 2024. أظهر الفريق لمحات من قوته القديمة، حيث وصل إلى نهائي الألعاب الآسيوية وكاد أن يتأهل للأولمبياد لولا خسارته بفارق ضئيل أمام غريمه التقليدي، اليابان.

أثبتت هذه العودة أن الشغف والموهبة لا يزالان موجودين، لكنها كشفت أيضاً عن بعض التحديات الكبيرة التي تواجه الجيل الجديد من اللاعبات.

التحديات المستقبلية أمام الفريق

  • نقص الاحتكاك الدولي: أدى الغياب الطويل إلى حرمان اللاعبات من فرصة التنافس مع أفضل الفرق العالمية، مما قد يؤثر على تطورهن وقدرتهن على مجاراة النسق السريع لكرة القدم الحديثة.
  • التطور العالمي للعبة: شهدت كرة القدم النسائية طفرة هائلة في السنوات الأخيرة على مستوى الاحتراف والاستثمار، وهو ما لم تواكبه كوريا الشمالية بسبب عزلتها.
  • الغموض المستمر: يظل مستقبل الفريق مرتبطاً ارتباطاً وثيقاً بالقرارات السياسية، مما يجعل مشاركاته المستقبلية غير مؤكدة دائماً.

خلاصة: إرث غامض ومستقبل مجهول

تمثل قصة منتخب كوريا الشمالية النسائي لكرة القدم مزيجاً فريداً من النجاح الباهر والغموض العميق. إنه فريق يمتلك كل مقومات النجاح، لكنه يظل رهينة لظروف خارجة عن نطاق الرياضة. وبينما يترقب عالم كرة القدم خطواته التالية، يبقى السؤال الأهم: هل كانت عودته الأخيرة مجرد ومضة عابرة، أم أنها بداية صحوة جديدة لعملاق كان نائماً؟

المصدر

BBC Sport – The rise and fall of North Korea – the sleeping giant of women’s football

مقالات ذات صلة